بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السعادة،
الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسرني أن ألتقي مع هذه النخبة الاقتصادية والثقافية والإعلامية، وأن أنتهز هذه الفرصة لأعبر عن تقديري لحسن الاستقبال والأجواء الإيجابية التي سادت في هذه الزيارة، والتي من شأنها أن تساهم في توطيد العلاقات بين بلدينا.
نحن نعلق أهمية كبيرة على العلاقات التي تربط دولة قطر بجمهورية ألمانيا الاتحادية، والتي توطدت في السنوات الأخيرة وخاصة في المجال الاقتصادي والاستثماري بشكل واضح.
وليس أدل على ذلك من التواجد المكثف للشركات الألمانية التي تنجز مشروعات في قطر تبلغ قيمتها حوالي 85 مليار دولار. كما أن قطر تستثمر في شركات ومؤسسات كبرى في ألمانيا، ما يعني أن لدينا مصالح مشتركة كثيرة.
ونحن نسعى لتعزيز العلاقات على صعيد التشاور السياسي وباقي الموضوعات التي تهمنا مثل التعليم والصحة والثقافة والمجتمع. نحن مدعوون إلى توطيد التعاون في هذه المجالات. ونتطلع إلى التعاون مع ألمانيا في مجالات الطاقة البديلة.
وأعبر هنا عن سعادتي بأن طلبة قطريين وغير قطريين يتعلمون الألمانية في المدرسة الألمانية التي تخدم المجتمع في قطر.
ونحن مهتمون ليس فقط بتجربة ألمانيا الاقتصادية والعلمية والثقافية والرياضية الرائدة، بل أيضاً بتجربتها المعاصرة في التوسط لحل النزاعات بالطرق السلمية ودورها المسؤول في أوروبا.
الحضور الكرام،
في هذه الأيام تنشغل قطر بجد ونشاط في تطبيق خطة التنمية الشاملة، رؤية قطر الوطنية 2030. وهي تشمل تطوير المجالات كافة، بما فيها تنويع مصادر الدخل وإرساء البنى التحتية. وتندرج من ضمنها استعداداتنا لاستضافة مباريات كأس العالم للعام 2022، كأول دولة عربية وشرق أوسطية تستضيف هذه الألعاب.
لقد حازت دولة قطر على حق الاستضافة بجدارة، لأن ملفها كان الأفضل، وقد فرحت الشعوب في الشرق الأوسط وفي البلدان النامية عموماً بهذا الإنجاز، ونستغرب أن البعض لا يريد أن يصدق أن قطر حظيت بجدارة بشرف الاستضافة، وأنها قدمت ملفاً ممتازاً.
السيدات والسادة،
كانت قطر منذ نشأتها وستظل داعية للسلام، وداعمة للتنمية. وهي تخصص جزءاً من ميزانيتها لدعم جهود التنمية التي استفادت منها 110 دولة في العالم حتى الآن. وقد أسسنا تقليداً في التوسط في حل النزاعات الإقليمية والدولية يقوم على إيماننا بالطرق السلمية الاستباقية بدل الحرب الاستباقية.
ولكن هذا لا يمنعنا من اتخاذ مواقف ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يشكل آخر قضية استعمارية في العالم، وضد العدوان على غزة وقتل المدنيين بالجملة بالقصف من الجو بعد حصار جائر وغير مفهوم مستمر منذ سنوات طويلة. لقد اتخذنا مواقف مؤيدة لحق الشعوب العربية بالحرية والكرامة.
لم نشعر أن من حقنا التدخل لفرض نظام حكم على الآخرين . ونحن ننصح بالإصلاح والتحول التدريجي وليس بالثورة، ولكننا عبرنا عن موقف واضح حين انتقلت أنظمة حكم محددة إلى ارتكاب مذابح حقيقية، كما جرى في سورية التي بدأت ثورتها سلمية بعد أن انسدت طرق الإصلاح. لقد حذرنا منذ سنوات مما يمكن أن يتدهور إليه الوضع في سورية إذا لم يضع المجتمع الدولي خطوطاً حمراء واضحة.
ونحن جزء من الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب أيضاً . فهو أولاً عدو الشعوب التي نشأ في كنفها، وعدو الدين والمدنية في الوقت ذاته. ولا بد من محاربته دون هوادة. ولكن علينا ألا نخير الشعوب بين الإرهاب والاستبداد . الشعوب يجب ان تُنْصَف لكي تدافع عن الاستقرار . هذا ما تثبته التجربة، وإلا فإن محاربة الإرهاب تنبت إرهاباً جديداً.
نحن نؤمن بالجيل العربي الشاب الذي أراد التغيير بصدق، وعبر عن إرادته بطرق حضارية وسلمية. هذا الجيل ما زال موجودا وكذلك آماله وتطلعاته، فالاستبداد والفساد والإرهاب لا يقدمون إجابات على تساؤلاته ومطالبه العادلة.
الحضور الكرام،
إننا نؤمن بحتمية توفير العيش الكريم للناس في مجتمع آمن يدعم النمو والحداثة والتسامح، وبأن مستقبل العالم العربي يكمن في النمو والتنمية البشرية، التي هي أساس ضمان عيش كريم للإنسان وحمايته من التأثيرات الاجتماعية السلبية والمتطرفة. ونحن نرحب بالشراكة مع ألمانيا في هذه الجهود.
شكراً لحسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.